تشكل التنمية بالنسبة لبلادنا أكبر التحديات، فإذا كانت بلادنا قد حققت في العشريات الأخيرة تقدما كبيرا في مجال التنمية فإن هذا لا يمنعنا من التساؤل وفي كل تخوف هل ليس هناك حدود للضغط الذي تعاني منه البيئة من جراء الأنشطة البشرية والحاجيات الاجتماعية والقوانين الاقتصادية الدولية الجديدة وكذا التغيرات المناخية. وهل سوف لن تكون لهذه الأخيرة تأثيرات جد سلبية على جودة الحياة ومستقبل الأجيال اللاحقة.
.1.3 بفعل الأنشطة البشرية
رغم الطابع الإيجابي للأنشطة الاقتصادية المتبع في مختلف القطاعات كخلق فرص الشغل والنهضة الاقتصادية والاجتماعية فانه لم يخل من بعض المؤثرات السلبية على عناصر البيئة من ماء وهواء وتربة و أهم هذه المؤثرات التلوث والإيذايات.
ويمكن تصنيفها الى عدة أشكال:
التلوث الصناعي: الذي تعرفه بعض المناطق دون الأخرى حيث أن عدة مؤسسات صناعية تقذف ملفوظاتها في الهواء ومياه الأنهار دون مراعاة الإجراءات المعمول بها من اجل المحافظة على البيئة في الميدان الصناعي. ويلاحظ أن غالبية الأنشطة الصناعية تتمركز على المحور الساحلي الدار البيضاء - القنيطرة حيث يعرف اكبر نسبة في الملفوظات المقذوفة في الوسط الطبيعي.
وبالرغم من بعض المجهودات التي تقوم بها بعض المنشآت الصناعية لوضع التجهيزات الضرورية لمكافحة تلوث منشآتها فهي تبقى ضئيلة أمام جسامة هذا المشكل.
التلوث الناتج عن النفايات المنزلية الصلبة والسائلة.
التلوث الفلاحي: وهو ناتج بالأساس عن استعمال الأسمدة والمبيدات.
التلوث البحري: إن من مميزات الموقع الجغرافي للمغرب إطلاله على حوض البحر الأبيض المتوسط شمالا والمحيط الأطلسي غربا. وعليه فاذا كان هذا الساحل يعد من جهة مركزا لاستقطاب جل الأنشطة الصناعية والسياحية الوطنية فهو أيضا مركزا حيويا للنقل البحري عبر القارات مما يجعله عرضة للتلوث سواء الناتج عن الملفوظات الصناعية والسياحية أو الناتج عن السفن والبواخر (التلوث النفطي) مما يهدد الثروات البحرية بالانقراض.
.2.3 بفعل الحاجيات الحاجيات الاجتماعية
لقد واكب النمو الديمغرافي الذي عرفه المغرب حركة عمرانية سريعة تضاعفت نسبتها خلال السنين الأخيرة. وقد ساهم هذا التزايد العمراني في تفاقم المشاكل البيئية سواء داخل الوسط الحضري أو القروي كانتشار السكن الغير اللائق وضعف التجهيزات الأساسية أو عدم مسايرتها للنمو السكاني من ماء صالح للشرب وتطهير وإنارة واندثار للتراث المعماري الأصيل وقضاء على المناطق الخضراء وغيرها.
.3.3 بفعل القوانين الاقتصادية الدولية الجديدة
في سنة 1999 نشر تقرير يخص برنامج الأمم المتحدة في شهر أكتوبر تحديدا. ومنذ هذا التقرير عرف الموضوع البيئي في سياقه العالمي تحولات وتطورات من شانها التأثير المباشر على السير المألوف للعلافات الدولية في مجالات التجارة والاقتصاد والتعاون الدولي…
إن التقرير المشار إليه ينتهي الى تسجيل خلاصة مزعجة بخصوص شكل ومحتوى المقاربة السائدة والمعتمدة في مجال البيئة والمحافظة عليها، وفي علاقة هذا كله بمفهوم التنمية المستديمة. ولهذا صلة وثيقة بالنتائج والخلاصات التي انبثقت عن أول قمة للأرض (ريو 1992).
ويعتمد المغرب في تحركاته ومواقفه المقاربة التفاعلية بغية تجاوز سلبيات المقاربة التلاؤمية المتمثلة في ارتفاع وتيرة التدهور البيئي نتيجة تبخيس قيمة الموارد الطبيعية وترجيح كفة الخدمات والمعرفة في إطار ميكانزمات اقتصادية جديدة تتحكم ب95 % من المبادلات التجارية العالمية. والحصيلة هي أن القارة الإفريقية مثلا لا تساهم في الاقتصاد العالمي سوى ب % 1 في حين أنها تختزن % 70 من الموارد الطبيعية الكونية.
.4.3 بفعل التغيرات المناخية
يعتبر المغرب قابلا للتغيرات المناخية وذلك راجع للأسباب التالية:
× التوقعات الخاصة بارتفاع حرارة المناخ بالنسبة للقرن المقبل تدل على أن حرارة المناخ سترتفع ب5 درجات قياسا مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
× حساسية البلاد لمختلف المجالات الخاضعة للتغيرات المناخية:
التصحر: يعرف المغرب تصحرا مهما حيث أن نسبت الانجراف تقــدر ب 22 ألف هكتار في السنة؛
الموارد المائية: ينتج عن ارتفاع درجة الحرارة ارتفاع نسبة التبخر الذي يؤدي الى انخفاض مهم في الموارد المائية. ويعتبر المغرب بلدا ذو ضغط مائي مهم؛
الفلاحة: بما أن الاقتصاد المغربي يعتمد أساسا على الفلاحة فان هذا القطاع مؤهلا أن يكون أول من سيتحمل نتائج التغيرات المناخية مما سيرهن مستقبل هذا القطاع الاستراتيجي.